[b]الوزير والملكة فيكتوريا..
تاريخ النشر : 2011-06-18
كنت أطالع منذ ايام كتاب الاستاذ راجى عنايت (راقصون بلا حكومة )وهو يحكى بمهارة السرد عن تفاصيل رحلة الفرقة القومية للفنون الشعبية الى بلاد الكتلة الشرقية وبعض دول اوربا وكيف كانت تستقبلهم الوفود الرسمية لتلك الدول استقبال الرؤساء والملوك،وكيف كانت تلك الفرقة تنشر الفنون والثقافة المصرية الاصيلة فى تلك البلاد بمهارة واقتدار ،جعلتهم محل تقدير واعجاب، حتى ان السفير المصرى بتركيا قال للاستاذ راجى عنايت إن الفرقة قد فعلت لمصر مالم تفعله السفارة المصرية من سنوات،كان هذا هو الفن الراقى الذى يسافر الى كل الدنيا للتعريف ببلد مجهول لتلك الدول رغم حضارته وعراقته الضاربة فى عمق الارض منذ آلاف السنين،لكن الثقافة اختفت عن المشهد العالمى برمته، وصارت محصورة فى اعياد الالفية ومسرخ العبث ،معرض الكتاب،وكان السيد وزير الاعلام المقال انس الفقى عضوا" فى فرقة مشابهة هى فرقة رضا للفنون الاستعراضية أو غيرها لا أذكر الان ،ولم يفكر وهو فى موقع المسئولية ان يعيد بناء تلك الفرق الفنية التى شرفت مصر فى المحافل الدولية،ولم يفكر فى عمل لوحات تعارف فنية لتلك الفرق الاستعراضية على الاقل داخل مصر وهو الذى بيده مفاتيح البث المباشر ليروج لها اعلاميا" ،على اقل تقدير ردا" واعترافا" بالجميل لتلك الفرق على شخصه الناكر للجميل ، لكن السيد الوزير تفرغ ، للمسلسلات التليفزيونية التى هبطت علينا كما السيل العرم شتاءا" دائما" فى كل اوقات السنة ،وكأنه الهدف الاسمى لاخطر جهاز اعلامى فى البلاد يتشكل ويتكون منه الرأى العام المصرى ، فسطحت الاراء،ولهث الناس من قناة الى قناة كأنهم فى سباق التتابع لمارثون طويل الامد ، والخطة الاعلامية ان ينصرف الناس بقدر الامكان عن السياسة وكشف مساوىء الفساد ،وعلى الصعيد الآخر لوزارة التضامن هو ان يتصارع الناس على رغيف الخبز واسطوانة الغاز فيتفرغوا لهذه المهمة يوميا" ثم يترنحون من التعب على فراش الهم والكد والشقاء ، هذا ماكان مرسوما" ومخططا" له بعناية ،لكن الحدث الذى استوقفنى وجعلنى اضرب كفا" بكف وامصمص الشفاه حزنا" على بلادى المنهوبة من زمن فات ،وكأنها عزبة خاصة مباح لكل من يدخلها التمتع بقطوفها الدانية دون غيره ، إستوقفنى الخبر الذى قال أن الوزير المقال انس الفقى كان بحوزته ثلاث حقائب كبيرة بها جنيهات ذهبية تقدر بملايين الجنيهات وأنه قد تسلمها من البنك المركزى لتسليمها الى سيدة مصر الاولى سوزان هانم مبارك أو قل الملكة فيكتوريا أول ملكة للمملكة المتحدة ، لان الجنيهات الذهبية كانت عليها صورة السيدة الاولى ،وان الوزير سلمها جزء من هذه الجنيهات واحتفظ لنفسه بالباقى فى منزله ، وكأن مصر أصبحت فى عرفهم الخاص مملكة متحدة بكل ما تعنى الكلمة من معنى ، فها هى صورة السيدة الاولى تطبع على الجنيهات الذهبية ، وهذا هو الوريث الملكى المعد للخلافة او الجلوس على كرسى العرش ، وهاهم الامراء فى الحاشية الملكية ،ولما لا وأقل امير يمتلك آلاف الافدنة والعديد من الضياع والقصور الفاخرة بل الفاحشة الثراء ، وكأن عهد محمد على قد عاد الى مصر بكل ظلاله وضياعه وامراءه ،كيف كان لنا ان نرى كل هذا ونميط اللثام عليه ونصمت صمت القبور بينما الفحش والفجور كان يطل علينا برأسه ويخرج لنا لسانه فى عنجهية وصلف وغرور ، وهاهى ملفات الفساد للجوقة الحاكمة تفتح ماخورها العفن لتتكشف لنا حقائق مججلة ومخزية وفاضحة لهؤلاء الذين سمموا حياتنا واهدروا قيمنا النبيلة وعبثوا بديننا ومرغوا سمعة البلاد فى الوحل ، بينما هم الاوغاد الذين لاشرف لهم ولا خلاق ،كيف لنا أن نثق فيمن هم بيننا الآن وقد تقلدوا وساندوا وشاركوا فى صنع القرار مع هؤلاء الظلمة والقتلة ومصاصى الدماء ، كيف لنا ان نقبل منهم كلمة تعد بالجديد والمفيد ومازال الكثير من اركان النظام يسندون رؤسهم على وسائد السلطة.
إننى مازلت لا اصدق ان كل هذا كان يحدث فى الخفاء وهم الذين صدعوا رؤوسنا بالحق والعدل والواجب والشرف والنزاهة والشفافية والديموقراطية وحقوق الانسان وكرامة المرأة والدعم للفقراء والمحتاجين ، بينما كان دعمهم جنيهات ذهبية وهدايا الماس والياقوت والزبجرد وكأننا فى عصر هارون الرشيد وشاعر الغزل ابى نواس ونحكى للناس حكايات من الف ليلة وليلة ..............وعلى كل حال تحيا مصر ...تحيا مصر