عدد المساهمات : 12 العمر : 64 من حى : الاسكان اتعرفت علينا منين : الشبكة العنكبوتية اعلام الدول : المزاج : المهنة : الهواية : تاريخ التسجيل : 16/02/2012
موضوع: التجربة التركية والمجلس العسكرى المصرى الخميس فبراير 16, 2012 3:11 am
التجربة التركية والمجلس العسكرى المصرى. تاريخ النشر : 2011-10-10
حين ننظر إلى التجربة التركية التى تماثل إلى حد كبير ما يحدث فى مصر الآن، تجد أنه لا وجه للمقارنة بين المجلس العسكرى التركى الذى حكم البلاد بعد إنقلاب الجنرال كنعان إيفرين فى سبتمبر عام 1980،وبين المجلس العسكرى المصرى الذى يحكم البلاد الآن بعد ثورة شعبية يتحاكى بها العالم، فبعد الإنقلاب التركى كان الإنطباع العام لدى أفراد الشعب أن العسكر قد خرجوا من ثكناتهم ولن يعودوا إليها مرة أخرى، فقد أصدر المجلس العسكرى التركى عدة قرارات فورية وهى حل جميع الأحزاب السياسية ومصادرة ممتلكاتها ،وحل البرلمان ،وحظر نشاطات إتحادات ونقابات العمال ،وإدارة البلاد من خلال مجلس عسكرى.
ثم تلى تلك الحزمة من القرارات حزمة أخرى لاتقل أهمية عن الإولى وهى إقالة جميع العمد وأعضاء المجالس المحلية الذين تجاوز عددهم 1700فرداً، ثم أغلقت الصحف بما فيها صحيفة (جمهورييت) التى أسسها الجنرال أتاتورك نفسه ، وتم إعتقال مايزيد على 120الفاً من الأتراك غير المرغوب فيهم ،وفصل 300من أساتذة الجامعات وحرمانهم من معاشاتهم ومنعهم من العمل فى أى وظيفة حكومية ،وجرت عمليات تعذيب واسعة النطاق شملت قادة حزب السلامة الوطنى(الإسلامى) والحركة الوطنية (الفاشى) والعمال التركى(اليسارى) .ثم أصدرت المحاكم العسكرية أحكاماً بالإعدام على 3600شخص تركى.
وبعد مايقرب من عامين من هذه الإجراءات الحاسمة والسريعة وتحديداً فى شهر يوليو1982صدر دستور جديد للبلاد وتم السماح بتكوين أحزاب جديدة ،وبعدها بعام إنتخب الجنرال كنعان إيفرين رئيساً للبلاد بعد أن قدم نفسه للشعب كقائد قوى جاء للقضاء على الفساد وإنقاذ البلاد ورفاهية العباد ، وهيأ البلاد لثقافة سياسية بعينها فى تلك المرحلة الإنتقالية الهامة والفارقة فى تاريخ تركيا ، ففاز حزب الوطن الأم (غير الإسلامى) بزعامة المهندس تورجوت أوزال الذى أصبح رئيساً للحكومة ، ثم عاد الجيش بعد ذلك إلى ثكناته بعد قيامه بإنقلاب سبتمبر 1980 مثلما حدث من قبل بعد إنقلابى عام 1960،1971.
وبعد سبعة عشر عاماً عاد الجيش التركى للتدخل عام 1997 لإقالة حكومة مدنية منتخبةوالتى كان يرأسها الدكتور نجم الدين أربكان زعيم حزب الرفاة (الإسلامى) ،وتم حظر النشاط السياسى لقادة ذلك الحزب وفرض قوانين وإجراءات لمكافحة التيار الإسلامى فى تركيا ،أى أن الجيش عاد لتنفيذ إنقلاب مدنى فى السياسة التركية دون تولى مقاليد الحكم مباشرة بإنقلاب عسكرى.
وهنا يطرح السؤال نفسه ،لماذا يتدخل الجيش فى السياسة؟؟؟؟؟
إن درجة تدخل الجيش فى السياسة تتحدد بطبيعة المجتمع والثقافة السياسية السائدة فيه ،وأن هناك عاملين رئيسيين يحددان مستوى الثقافة السياسية فى أى مجتمع ، العامل الأول هو مدى إحترام وتمسك المواطنين بالمؤسسات والدور الحكومى المدنى ، أى مدى قبول وإعتراف المواطنين بشرعية النظام ، والعامل الثانى هو مدى حضور وترسخ المؤسسات المدنية ، مثل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والإتحادية والجمعيات الأهلية فى المجتمع ، وكلما إنخفض مستوى العاملين السابقين ،إنخفض مستوى الثقافة السياسية فى المجتمع وبالتالى ترتفع درجة تدخل الجيش فى الشئون العامة للبلاد ،ومن هنا وجب القول أن درجة تدخل الجيش تعتمد على طبيعة المجتمع .
وبعد ثمانية أشهر من الحكم العسكرى الإنتقالى وبنظرة سريعة على حال البلاد الآن، فمازالت الإحزاب السياسية تتصارع فيما بينها ولم تتفق على كلمة سواء ،ومازال الوضع الأمنى فى مرحلة إسترداد الثقة والعافية ،ومازالت الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية كل عدة أيام ،ومازالت المحاكمات لرؤوس الفساد قائمة ، ومازالت المليارات المنهوبة لايعلم أحد عنها شيئاً ،ومازالت كل فلول النظام فى مقاعدها الوثيرة بكل مؤسسات الدولة يزكون نار الفتنة ويتلاعبون بمقدرات المواطنين بإختلاق الأزمات الطاحنة لتردى الأوضاع وإنقلاب الشعب على الجيش ، والجيش بمجلسه العسكرى الإنتقالى آثر الصمت الطويل ،وتدور من حوله كل اسئلة الأمس ،والناس حائرة بين الشك واليقين ،وحين أنظر إلى حال تركيا اليوم ، أتحسر على حال بلادى ومايجرى فيها ،وأتسائل بدورى ،هل بذور الإخلاص والمحبة متوافرة فى بلاد بعينها غير بلادى ؟؟؟لماذا لانتنازل عن بعض أحلامنا الفردية الضيقة ونحلم للوطن جميعاً مرة واحدة فى حياتنا بإخلاص ومحبة ، هل هذا كثير على وطن كرمه الله فى محكم كتابه ، وطن يجرى فيه النيل وتسطع فى سمائه الشمس كل يوم ،ورغم ذلك ينعم بعض ابنائه ببرودة الإحساس وتبلد المشاعر، لقد وضعت تركيا يدها على صنابير الفساد وحاولت ومازالت تحاول إغلاقها وقد نجحت إلى حد بعيد فى إحكام قبضتها عليها ، ولو فعل الجيش مافعله أقرانهم الأتراك بالإطاحة برموز الفساد وأركانه من أول يوم ،وإستشارة النخب السياسية عن أفضل توجه سياسى يتناسب وطبيعة المرحلة الإنتقالية ،لإستقرت الأوضاع وإرتاح الناس كثيراً من القيل والقال ،ونظروا إلى قادة جيشهم نظرة إكبار وإفتخار بقدر تصاعد محبتهم فى قلوبهم ،ولا أشك لحظة واحدة أن الناس كانت ستحمل المشير على الأعناق يوم إرتدى حلته المدنية الأنيقة وتجول فى شوارع قاهرة المعز رغم شهادته التى إستنكرها شهداء ثورة 25يناير فى عليين.